أيدري الربع أي دم أراقا
أبو الطيب المتنبي
أَيَدري الرَبعُ أَيَّ دَمٍ أَراقا "
" وَأَيَّ قُلوبِ هَذا الرَكبِ شاقا
لَنا وَلِأَهلِهِ أَبَدًا قُلوبٌ "
" تَلاقى في جُسومٍ ما تَلاقى
وَما عَفَتِ الرِياحُ لَهُ مَحَلًّا "
" عَفاهُ مَن حَدا بِهِمُ وَساقا
فَلَيتَ هَوى الأَحِبَّةِ كانَ عَدلًا "
" فَحَمَّلَ كُلَّ قَلبٍ ما أَطاقا
نَظَرتُ إِلَيهِمُ وَالعَينُ شَكرى "
" فَصارَت كُلُّها لِلدَمعِ ماقا
وَقَد أَخَذَ التَمامُ البَدرُ فيهِمْ "
" وَأَعطاني مِنَ السَقَمِ المُحاقا
وَبَينَ الفَرعِ وَالقَدَمَينِ نورٌ "
" يَقودُ بِلا أَزِمَّتِها النِياقا
وَطَرفٌ إِن سَقى العُشّاقَ كَأسًا "
" بِها نَقصٌ سَقانيها دِهاقا
وَخَصرٌ تَثبُتُ الأَبصارُ فيهِ "
" كَأَنَّ عَلَيهِ مِن حَدَقِ نِطاقا
سَلي عَن سيرَتي فَرَسي وَسَيفي "
" وَرُمحي وَالهَمَلَّعَةِ الدِفاقا
تَرَكنا مِن وَراءِ العيسِ نَجدًا "
" وَنَكَّبنا السَماوَةَ وَالعِراقا
فَما زالَت تَرى وَاللَيلُ داجٍ "
" لِسَيفِ الدَولَةِ المَلِكِ ائتِلاقا
أَدِلَّتُها رِياحُ المِسكِ مِنهُ "
" إِذا فَتَحَت مَناخِرَها انتِشاقا
أَباحَ الوحش يا وَحشُ الأَعادي "
" فَلِمْ تَتَعَرَّضينَ لَهُ الرِفاقا
وَلَو تَبَّعتِ ما طَرَحَت قَناهُ "
" لَكَفَّكِ عَن رَذايانا وَعاقا
وَلَو سِرنا إِلَيهِ في طَريقٍ "
" مِنَ النيرانِ لَم نَخَفِ احتِراقا
إِمامٌ للِائمَّةِ مِن قُرَيشٍ "
" إِلى مَن يَتَّقونَ لَهُ شِقاقا
يَكونُ لَهُمْ إِذا غَضِبوا حُسامًا "
" وَلِلهَيجاءِ حينَ تَقومُ ساقا
فَلا تَستَنكِرَنَّ لَهُ ابتِسامًا "
" إِذا فَهِقَ المَكَرُّ دَمًا وَضاقا
فَقَد ضَمِنَت لَهُ المُهَجَ العَوالي "
" وَحَمَّلَ هَمَّهُ الخَيلَ العِتاقا
إِذا أُنعِلنَ في آثارِ قَومٍ "
" وَإِن بَعُدوا جَعَلنَهُمُ طِراقا
وَإِن نَقَعَ الصَريخُ إِلى مَكانٍ "
" نَصَبنَ لَهُ مُؤَلَّلَةً دِقاقا
فَكانَ الطَعنُ بَينَهُما جَوابًا "
" وَكانَ اللَبثُ بَينَهُما فُواقا
مُلاقِيَةً نَواصيها المَنايا "
" مُعَوَّدَةً فَوارِسُها العِناقا
تَبيتُ رِماحُهُ فَوقَ الهَوادي "
" وَقَد ضَرَبَ العَجاجُ لَها رِواقا
تَميلُ كَأَنَّ في الأَبطالِ خَمرًا "
" عُلِلنَ بِها اصطِباحًا وَاغتِباقا
تَعَجَّبَتِ المُدامُ وَقَد حَساها "
" فَلَم يَسكَر وَجادَ فَما أَفاقا
أَقامَ الشِعرُ يَنتَظِرُ العَطايا "
" فَلَمّا فاقَتِ الأَمطارَ فاقا
وَزَنّا قيمَةَ الدَهماءِ مِنهُ "
" وَوَفَّينا القِيانَ بِهِ الصَداقا
وَحاشا لِارتِياحِكَ أَن يُبارى "
" وَلِلكَرَمِ الَّذي لَكَ أَن يُباقى
وَلَكِنّا نُداعِبُ مِنكَ قَرمًا "
" تَراجَعَتِ القُرومُ لَهُ حِقاقا
فَتىً لا تَسلُبُ القَتلى يَداهُ "
" وَيَسلُبُ عَفوُهُ الأَسرى الوَثاقا
وَلَم تَأتِ الجَميلَ إِلَيَّ سَهوًا "
" وَلَم أَظفَر بِهِ مِنكَ استِراقا
فَأَبلِغ حاسِدِيَّ عَلَيكَ أَنّي "
" كَبا بَرقٌ يُحاوِلُ بي لَحاقا
وَهَل تُغني الرَسائِلُ في عَدوٍّ "
" إِذا ما لَم يَكُنَّ ظُبًا رِقاقا
إِذا ما الناسُ جَرَّبَهُمْ لَبيبٌ "
" فَإِنّي قَد أَكَلتُهُمُ وَذاقا
فَلَم أَرَ وُدَّهُمْ إِلّا خِداعًا "
" وَلَم أَرَ دينَهُم إِلّا نِفاقا
يُقَصِّرُ عَن يَمينِكَ كُلُّ بَحرٍ "
" وَعَمّا لَم تُلِقهُ ما أَلاقا
وَلَولا قُدرَةُ الخَلّاقِ قُلنا "
" أَعَمدًا كانَ خَلقُكَ أَم وِفاقا
فَلا حَطَّت لَكَ الهَيجاءُ سَرجًا "
" وَلا ذاقَت لَكَ الدُنيا فِراقا
معلومات القصيدة: أيدري الربع أي دم أراقا
عنوان القصيدة أيدري الربع أي دم أراقا الشاعر أبو الطيب المتنبي