أجاب دمعي
أبو الطيب المتنبي
أَجابَ دَمعي وَما الداعي سِوى طَلَلِ "
" دَعا فَلَبّاهُ قَبلَ الرَكبِ وَالإِبِلِ
ظَلِلتُ بَينَ أُصَيحابي أُكَفكِفُهُ "
" وَظَلَّ يَسفَحُ بَينَ العُذرِ وَالعَذَلِ
أَشكو النَوى وَلَهُم مِن عَبرَتي عَجَبٌ "
" كَذاكَ كُنتُ وَما أَشكو سِوى الكَلَلِ
وَما صَبابَةُ مُشتاقٍ عَلى أَمَلٍ "
" مِنَ اللِقاءِ كَمُشتاقٍ بِلا أَمَلِ
مَتى تَزُرْ قَومَ مَن تَهوى زِيارَتَها "
" لا يُتحِفوكَ بِغَيرِ البيضِ وَالأَسَلِ
وَالهَجرُ أَقتَلُ لي مِمّا أُراقِبُهُ "
" أَنا الغَريقُ فَما خَوفي مِنَ البَلَلِ
ما بالُ كُلِّ فُؤادٍ في عَشيرَتِها "
" بِهِ الَّذي بي وَما بي غَيرُ مُنتَقِلِ
مُطاعَةُ اللَحظِ في الأَلحاظِ مالِكَةٌ "
" لِمُقلَتَيها عَظيمُ المُلكِ في المُقَلِ
تَشَبَّهُ الخَفِراتُ الآنِساتُ بِها "
" في مَشيِها فَيَنَلنَ الحُسنَ بِالحِيَلِ
قَد ذُقتُ شِدَّةَ أَيّامي وَلَذَّتَها "
" فَما حَصَلتُ عَلى صابٍ وَلا عَسَلِ
وَقَد أَراني الشَبابُ الروحَ في بَدَني "
" وَقَد أَراني المَشيبُ الروحَ في بَدَلي
وَقَد طَرَقتُ فَتاةَ الحَيِّ مُرتَدِيًا "
" بِصاحِبٍ غَيرِ عِزهاةٍ وَلا غَزِلٍ
فَباتَ بَينَ تَراقينا نُدَفِّعُهُ "
" وَلَيسَ يَعلَمُ بِالشَكوى وَلا القُبَلِ
ثُمَّ اغتَدى وَبِهِ مِن رَدعِها أَثَرٌ "
" عَلى ذُؤابَتِهِ وَالجَفنِ وَالخِلَلِ
لا أَكسِبُ الذِكرَ إِلا مِن مَضارِبِهِ "
" أَو مِن سِنانٍ أَصَمِّ الكَعبِ مُعتَدِلِ
جادَ الأَميرُ بِهِ لي في مَواهِبِهِ "
" فَزانَها وَكَساني الدِرعَ في الحُلَلِ
وَمِن عَلِيِّ بنِ عَبدِ اللهِ مَعرِفَتي "
" بِحَملِهِ مَن كَعَبدِ اللهِ أَو كَعَلي
مُعطي الكَواعِبِ وَالجُردِ السَلاهِبِ وَالـ "
" ـبيضِ القَواضِبِ وَالعَسّالَةِ الذَبُلِ
ضاقَ الزَمانُ وَوَجهُ الأَرضِ عَن مَلِكٍ "
" مِلءِ الزَمانِ وَمِلءِ السَهلِ وَالجَبَلِ
فَنَحنُ في جَذَلٍ وَالرومُ في وَجَلٍ "
" وَالبَرُّ في شُغُلٍ وَالبَحرُ في خَجَلِ
مِن تَغلِبَ الغالِبينَ الناسَ مَنصِبُهُ "
" وَمِن عَدِيٍّ أَعادي الجُبنِ وَالبَخَلِ
وَالمَدحُ لِاِبنِ أَبي الهَيجاءِ تُنجِدُهُ "
" بِالجاهِلِيَّةِ عَينُ العِيِّ وَالخَطَلِ
لَيتَ المَدائِحَ تَستَوفي مَناقِبَهُ "
" فَما كُلَيبٌ وَأَهلُ الأَعصُرِ الأُوَلِ
خُذ ما تَراهُ وَدَع شَيئًا سَمِعتَ بِهِ "
" في طَلعَةِ الشَمسِ ما يُغنيكَ عَن زُحَلِ
وَقَد وَجَدتَ مَجالَ القَولِ ذا سَعَةٍ "
" فَإِن وَجَدتَ لِسانًا قائِلاً فَقُلِ
إِنَّ الهُمامَ الَّذي فَخْرُ الأَنامِ بِهِ "
" خَيرُ السُيوفِ بِكَفَّيْ خَيرَةِ الدُوَلِ
تُمسي الأَمانِيُّ صَرعى دونَ مَبلَغِهِ "
" فَما يَقولُ لِشَيءٍ لَيتَ ذَلِكَ لي
انظُر إِذا اجتَمَعَ السَيفانِ في رَهَجٍ "
" إِلى اِختِلافِهِما في الخَلقِ وَالعَمَلِ
هَذا المُعَدُّ لِرَيبِ الدَهرِ مُنصَلِتًا "
" أُعِدَّ هَذا لِرَأسِ الفارِسِ البَطَلِ
فَالعُربُ مِنهُ مَعَ الكُدرِيِّ طائِرَةٌ "
" وَالرومُ طائِرَةٌ مِنهُ مَعَ الحَجَلِ
وَما الفِرارُ إِلى الأَجبالِ مِن أَسَدٍ "
" تَمشي النَعامُ بِهِ في مَعقِلِ الوَعَلِ
جازَ الدُروبَ إِلى ما خَلفَ خَرشَنَةٍ "
" وَزالَ عَنها وَذاكَ الرَوعُ لَم يَزُلِ
فَكُلَّما حَلَمَتْ عَذراءُ عِندَهُمُ "
" فَإِنَّما حَلَمَت بِالسَبيِ وَالجَمَلِ
إِن كُنتَ تَرضى بِأَن يُعطُوا الجِزى بَذَلوا "
" مِنها رِضاكَ وَمَن لِلعُورِ بِالحَوَلِ
نادَيتُ مَجدَكَ في شِعري وَقَد صَدَرا "
" يا غَيرَ مُنتَحِلٍ في غَيرِ مُنتَحِلِ
بِالشَرقِ وَالغَربِ أَقوامٌ نُحِبُّهُمُ "
" فَطالِعاهُمْ وَكونا أَبلَغَ الرُسُلِ
وَعَرِّفاهُمْ بِأَنّي في مَكارِمِهِ "
" أُقَلِّبُ الطَرفَ بَينَ الخَيلِ وَالخَوَلِ
يا أَيُّها المُحسِنُ المَشكورُ مِن جِهَتي "
" وَالشُكرُ مِن قِبَلِ الإِحسانِ لا قِبَلي
ما كانَ نَومِيَ إِلاّ فَوقَ مَعرِفَتي "
" بِأَنَّ رَأيَكَ لا يُؤتى مِنَ الزَلَلِ
أَقِلْ أَنِلْ أَقطِعِ اِحْمِل عَلِّ سَلِّ أَعِدْ "
" زِد هَشَّ بَشَّ تَفَضَّلْ أَدْنِ سُرَّ صِلِ
لَعَلَّ عَتبَكَ مَحمودٌ عَواقِبُهُ "
" فَرُبَّما صَحَّتِ الأَجسامُ بِالعِلَلِ
وَما سَمِعتُ وَلا غَيري بِمُقتَدِرٍ "
" أَذَبَّ مِنكَ لِزُورِ القَولِ عَن رَجُلِ
لِأَنَّ حِلمَكَ حِلمٌ لا تَكَلَّفُهُ "
" لَيسَ التَكَحُّلُ في العَينَينِ كَالكَحَلِ
وَما ثَناكَ كَلامُ الناسِ عَن كَرَمٍ "
" وَمَن يَسُدُّ طَريقَ العارِضِ الهَطِلِ
أَنتَ الجَوادُ بِلا مَنٍّ وَلا كَذِبٍ "
" وَلا مِطالٍ وَلا وَعدٍ وَلا مَذَلِ
أَنتَ الشُجاعُ إِذا ما لَم يَطَأ فَرَسٌ "
" غَيرَ السَنَوَّرِ وَالأَشلاءِ وَالقُلَلِ
وَرَدَّ بَعضُ القَنا بَعضًا مُقارَعَةً "
" كَأَنَّهُ مِن نُفوسِ القَومِ في جَدَلِ
لا زِلتَ تَضرِبُ مَن عاداكَ عَن عُرُضٍ "
" بِعاجِلِ النَصرِ في مُستَأخِرِ الأَجَلِ
أبو الطيب المتنبي
أَجابَ دَمعي وَما الداعي سِوى طَلَلِ "
" دَعا فَلَبّاهُ قَبلَ الرَكبِ وَالإِبِلِ
ظَلِلتُ بَينَ أُصَيحابي أُكَفكِفُهُ "
" وَظَلَّ يَسفَحُ بَينَ العُذرِ وَالعَذَلِ
أَشكو النَوى وَلَهُم مِن عَبرَتي عَجَبٌ "
" كَذاكَ كُنتُ وَما أَشكو سِوى الكَلَلِ
وَما صَبابَةُ مُشتاقٍ عَلى أَمَلٍ "
" مِنَ اللِقاءِ كَمُشتاقٍ بِلا أَمَلِ
مَتى تَزُرْ قَومَ مَن تَهوى زِيارَتَها "
" لا يُتحِفوكَ بِغَيرِ البيضِ وَالأَسَلِ
وَالهَجرُ أَقتَلُ لي مِمّا أُراقِبُهُ "
" أَنا الغَريقُ فَما خَوفي مِنَ البَلَلِ
ما بالُ كُلِّ فُؤادٍ في عَشيرَتِها "
" بِهِ الَّذي بي وَما بي غَيرُ مُنتَقِلِ
مُطاعَةُ اللَحظِ في الأَلحاظِ مالِكَةٌ "
" لِمُقلَتَيها عَظيمُ المُلكِ في المُقَلِ
تَشَبَّهُ الخَفِراتُ الآنِساتُ بِها "
" في مَشيِها فَيَنَلنَ الحُسنَ بِالحِيَلِ
قَد ذُقتُ شِدَّةَ أَيّامي وَلَذَّتَها "
" فَما حَصَلتُ عَلى صابٍ وَلا عَسَلِ
وَقَد أَراني الشَبابُ الروحَ في بَدَني "
" وَقَد أَراني المَشيبُ الروحَ في بَدَلي
وَقَد طَرَقتُ فَتاةَ الحَيِّ مُرتَدِيًا "
" بِصاحِبٍ غَيرِ عِزهاةٍ وَلا غَزِلٍ
فَباتَ بَينَ تَراقينا نُدَفِّعُهُ "
" وَلَيسَ يَعلَمُ بِالشَكوى وَلا القُبَلِ
ثُمَّ اغتَدى وَبِهِ مِن رَدعِها أَثَرٌ "
" عَلى ذُؤابَتِهِ وَالجَفنِ وَالخِلَلِ
لا أَكسِبُ الذِكرَ إِلا مِن مَضارِبِهِ "
" أَو مِن سِنانٍ أَصَمِّ الكَعبِ مُعتَدِلِ
جادَ الأَميرُ بِهِ لي في مَواهِبِهِ "
" فَزانَها وَكَساني الدِرعَ في الحُلَلِ
وَمِن عَلِيِّ بنِ عَبدِ اللهِ مَعرِفَتي "
" بِحَملِهِ مَن كَعَبدِ اللهِ أَو كَعَلي
مُعطي الكَواعِبِ وَالجُردِ السَلاهِبِ وَالـ "
" ـبيضِ القَواضِبِ وَالعَسّالَةِ الذَبُلِ
ضاقَ الزَمانُ وَوَجهُ الأَرضِ عَن مَلِكٍ "
" مِلءِ الزَمانِ وَمِلءِ السَهلِ وَالجَبَلِ
فَنَحنُ في جَذَلٍ وَالرومُ في وَجَلٍ "
" وَالبَرُّ في شُغُلٍ وَالبَحرُ في خَجَلِ
مِن تَغلِبَ الغالِبينَ الناسَ مَنصِبُهُ "
" وَمِن عَدِيٍّ أَعادي الجُبنِ وَالبَخَلِ
وَالمَدحُ لِاِبنِ أَبي الهَيجاءِ تُنجِدُهُ "
" بِالجاهِلِيَّةِ عَينُ العِيِّ وَالخَطَلِ
لَيتَ المَدائِحَ تَستَوفي مَناقِبَهُ "
" فَما كُلَيبٌ وَأَهلُ الأَعصُرِ الأُوَلِ
خُذ ما تَراهُ وَدَع شَيئًا سَمِعتَ بِهِ "
" في طَلعَةِ الشَمسِ ما يُغنيكَ عَن زُحَلِ
وَقَد وَجَدتَ مَجالَ القَولِ ذا سَعَةٍ "
" فَإِن وَجَدتَ لِسانًا قائِلاً فَقُلِ
إِنَّ الهُمامَ الَّذي فَخْرُ الأَنامِ بِهِ "
" خَيرُ السُيوفِ بِكَفَّيْ خَيرَةِ الدُوَلِ
تُمسي الأَمانِيُّ صَرعى دونَ مَبلَغِهِ "
" فَما يَقولُ لِشَيءٍ لَيتَ ذَلِكَ لي
انظُر إِذا اجتَمَعَ السَيفانِ في رَهَجٍ "
" إِلى اِختِلافِهِما في الخَلقِ وَالعَمَلِ
هَذا المُعَدُّ لِرَيبِ الدَهرِ مُنصَلِتًا "
" أُعِدَّ هَذا لِرَأسِ الفارِسِ البَطَلِ
فَالعُربُ مِنهُ مَعَ الكُدرِيِّ طائِرَةٌ "
" وَالرومُ طائِرَةٌ مِنهُ مَعَ الحَجَلِ
وَما الفِرارُ إِلى الأَجبالِ مِن أَسَدٍ "
" تَمشي النَعامُ بِهِ في مَعقِلِ الوَعَلِ
جازَ الدُروبَ إِلى ما خَلفَ خَرشَنَةٍ "
" وَزالَ عَنها وَذاكَ الرَوعُ لَم يَزُلِ
فَكُلَّما حَلَمَتْ عَذراءُ عِندَهُمُ "
" فَإِنَّما حَلَمَت بِالسَبيِ وَالجَمَلِ
إِن كُنتَ تَرضى بِأَن يُعطُوا الجِزى بَذَلوا "
" مِنها رِضاكَ وَمَن لِلعُورِ بِالحَوَلِ
نادَيتُ مَجدَكَ في شِعري وَقَد صَدَرا "
" يا غَيرَ مُنتَحِلٍ في غَيرِ مُنتَحِلِ
بِالشَرقِ وَالغَربِ أَقوامٌ نُحِبُّهُمُ "
" فَطالِعاهُمْ وَكونا أَبلَغَ الرُسُلِ
وَعَرِّفاهُمْ بِأَنّي في مَكارِمِهِ "
" أُقَلِّبُ الطَرفَ بَينَ الخَيلِ وَالخَوَلِ
يا أَيُّها المُحسِنُ المَشكورُ مِن جِهَتي "
" وَالشُكرُ مِن قِبَلِ الإِحسانِ لا قِبَلي
ما كانَ نَومِيَ إِلاّ فَوقَ مَعرِفَتي "
" بِأَنَّ رَأيَكَ لا يُؤتى مِنَ الزَلَلِ
أَقِلْ أَنِلْ أَقطِعِ اِحْمِل عَلِّ سَلِّ أَعِدْ "
" زِد هَشَّ بَشَّ تَفَضَّلْ أَدْنِ سُرَّ صِلِ
لَعَلَّ عَتبَكَ مَحمودٌ عَواقِبُهُ "
" فَرُبَّما صَحَّتِ الأَجسامُ بِالعِلَلِ
وَما سَمِعتُ وَلا غَيري بِمُقتَدِرٍ "
" أَذَبَّ مِنكَ لِزُورِ القَولِ عَن رَجُلِ
لِأَنَّ حِلمَكَ حِلمٌ لا تَكَلَّفُهُ "
" لَيسَ التَكَحُّلُ في العَينَينِ كَالكَحَلِ
وَما ثَناكَ كَلامُ الناسِ عَن كَرَمٍ "
" وَمَن يَسُدُّ طَريقَ العارِضِ الهَطِلِ
أَنتَ الجَوادُ بِلا مَنٍّ وَلا كَذِبٍ "
" وَلا مِطالٍ وَلا وَعدٍ وَلا مَذَلِ
أَنتَ الشُجاعُ إِذا ما لَم يَطَأ فَرَسٌ "
" غَيرَ السَنَوَّرِ وَالأَشلاءِ وَالقُلَلِ
وَرَدَّ بَعضُ القَنا بَعضًا مُقارَعَةً "
" كَأَنَّهُ مِن نُفوسِ القَومِ في جَدَلِ
لا زِلتَ تَضرِبُ مَن عاداكَ عَن عُرُضٍ "
" بِعاجِلِ النَصرِ في مُستَأخِرِ الأَجَلِ