بعض الكتاب المنصفين الذين اتصلوا بالإباضية وعرفوا تاريخهم أو قرأوا كتبهم أدركوا حقيقة الإباضية فتحرروا من النقل الحرفي لكتب الأقدمين وعبروا عن رأيهم في الإباضية بصراحة في كتبهم وأحاديثهم. وهذه نماذج من أقوال بعضهم:
يقول الشهيد سيد قطب في مقال نشرته مجلة الشهاب المصرية (عدد 15 مارس 1948) ما نصه :
(ورأينا الذي نرجو من ورائه الخير للمسلمين ألا يكون الخلاف المذهبي سببا للخصومة والفرق بين طوائفهم ، وبخاصة إذا لم يؤد إلى تكفير أو قتال. ومن حسن الحظ أن في فقه الإباضية وأصول ما ذهبوا إليه من المرونة ما يسمح بالتقائهم مع غيرهم على ما يصير به المسلم مسلما من أصول الدين وقواعده الأساسية فيما نعلم ، وفي ذلك الكفاية)
يقول عبد العزيز بدوي مدرس الفقه المقارن بجامعة الأزهر :
هذا المذهب ليس مستحدثا ، وإنما نشأ أصلا على القواعد الصحيحة مدعما بالأصول الواضحة الثابتة، فبالنظر والتتبع لا يوجد في فقهه ما يخالف الكتاب والسنة النبوية ولا عموم الأصول التي اتفق المسلمون عليها.
ويقول الأستاذ محمد المرزوقي في كتابه " قابس جنة الدنيا " : والظاهر أن قابس قد نعمت في ظل الإباضيين خلال ثلاث سنوات بشيء من الطمأنينة وكثير من العدل والمساواة ، فهؤلاء الناس كانوا على غاية من التشدد في الدين والتمسك بالحق والقيام على نصرته والزهد في الدنيا.
ويقول الدكتور عوض خليفات: إن المدقق في المصادر الفقهية الإباضية يجد أن أصحاب المذهب الإباضي من أكثر المسلــمين إتباعا للسنة الشريفة والإقتداء بها، أما ما تلصقه بهم بعض المصادر من تهم فإنما هو ناتج عن أحد أمرين : الجهل أو التعصب. قام الإباضيون بجهود مشكورة في نشر الإسلام في أماكن كثيرة، وكان لهم فضل في هذا الشأن في كل من أفريقية السوداء وجنوب الصحراء، وبعض مناطق الشرق الأقصى.
و يذكر رأيه في كتب المقالات في كتابه "نشأة الحركة الإباضية" ( أما كتب المقالات والملل و النحل فتتحدث كما هو معروف عن الفرق الإسلامية المختلفة وبجب أن نستخدم هذه المؤلفات بحذر شديد لأن أصحابها تنقصهم الموضوعية ويعوزهم الحياد عندما يتكلمون عن فرق مخالفة لمعتقداتهم . ولا تزودنا هذه المصادر بمعلومات قيمة عن نشأة الحركة الإباضية. وما أوردته هذه المصادر من معلومات لا تمت في معظمها إلى الإباضية ولا علاقة لهم بها . وإذا قارن المرء بين ما ورد من معلومات في هذه الكتب وبين ما ورد في المصادر الإباضية سواء كانت تاريخية أم كتب فقه وعقائد يلاحظ أن هؤلاء المؤلفين قد نسبوا إلى الإباضية آراء ومعتقدات غريبة لا يقر بها أتباع هذه الفرقة ، كما أنهم تكلموا عن فرق إباضية لا نجد لها ذكرا على الإطلاق في المصادر الإباضية على اختلافها وتنوعها . ويبدو من المعلومات التي توردها هذه المصادر أن مؤلفيها يجهلون تماما نشأة الحركة وتطورها، وما أشاروا إليه من آراء منسوبة لهذه الفرقة لا يعتبر ذا أهمية وخاصة إذا تذكرنا أن هذه المعلومات مشوشة ومتحيزة وتفتقر إلى الدقة والمعرفة العميقة . وقد أدت هذه الكتابات إلى ازدياد الفجوة بين الإباضية وأتباع المذاهب الإسلامية الأخرى ، ولا يصح الاعتماد عليها لتكوين فكرة صحيحة عن نشأة الحركة وتطورها وعن فهم آرائها ومبادئها). أما عمر صالح با فقد ذكر في كتابه " دراسة في الفكر الإباضي " ما نصه (والظاهر أن كتّاب المقالات ما كانوا أمناء في ما كانوا يقولونه بحق الفرق و أنهم لم يطلعوا قط على فقه الفرق إطلاعا كافيا يسمح لهم بالخوض فيه) .